أخبار اليوم

الاثنين، 28 ديسمبر 2009

المسيح و المسيحية إلى حدود القرن الثالث الميلادي

تصميم البحث

مقدمة.

مدخل عام.

I- المسيحية و المسيح.

1- ظهور المسيح و حياته.

2- شعائر المسيحية و معتقداتها.

II- تطور الفكر المسيحي.

1- التيارات و المذاهب المسيحية.

2- المسيحية بين السياسة و الفلسفة.

خاتمة : نحو بداية جديدة.

البيبليوغرافيا

مقدمة

إن الباحث في تاريخ الفكر المسيحي يجد نفسه أمام مادة مصدرية جد هامة، تغري بالبحث، و يشكل الكتاب المقدس بعهديه القديم و الجديد أهم مصدر من مصادر دراسة الفكر المسيحي، إضافة إلى القررات البابوية و المجامع المسكونية، و المصادر الدينية الأخرى، كما يشكل القرآن الكريم أحد المصادر الدينية المهمة لدراسة المسيحية، ذلك أنه يحتوي على معطيات جد هامة حول عيسى عليه السلام، و مريم العذراء و الحواريين.

إضافة إلى ذلك فإن المكتبات العربية غنية بدراسات عديدة حاولت دراسة الديانة المسيحية، و مرد ذلك إلى الأهمية التي يكتسيها الوجود المسيحي في الأوطان العربية، و هو ما خلق ردود فعل سلبية أو ايجابية على المستوى الفكري، دخلت في غمرة الصراع المستتر حينا، و المكشوف أحيانا، بين المفكرين المسيحيين و المسلمين.

كما تحفل الشبكة المعلوماتية بالعديد من المواقع التي تحتوي على دراسات و بحوث مهمة حول مختلف جوانب الفكر المسيحي[1]. و نظرا لتشعب هذا الفكر و تعدد مراحله فلقد فضلنا الإقتضاب ما أمكن و تناولنا بالدرس الفترة الأولى من تاريخ المسيحة التي شكلت منعطفا هاما في تاريخ الفكر المسيحي.

و الله الموفق و هو المستعان

مدخل عام

تعتبر الديانة المسيحية إحدى أكثر الديانات تعقيدا على الرغم من بساطتها الظاهرية، فلقد جاءت في فترة كان العالم الروماني يعاني من فراغ روحي كبير، إذ لم تنجح العبادات و الديانات المتواجدة في ملأ هذا الجذب الروحي، و كان ظهورها أول الأمر في فلسطين من هناك حيث سيبدأ أمرها بالتعاظم. و إذا كان الأباطرة الرومان قد غضوا الطرف عنها في البداية لظنهم أن المسيحية إحدى الفرق اليهودية، فإنهم سرعان ما سيشنون حملة اضطهاد واسعة ضد المعتنقين لها[2]، و كانت فترة "دقلديانوس" هي الأشد وطأة على المسيحيين حتى سموا عصره بعصر "الشهداء" و يمكن إرجاع غضب الحكومة الرومانية على المسيحية إلى أنها "بدت في صورة ثورة اجتماعية خطيرة تنادي بمباديء من شأنها تقويض الدعائم التي قام عليها المجتمع الروماني"[3].

غير أن التحول الحقيقي في مسار المسيحية كان باعتراف قسطنطين بها كديانة رسمية بموجب مرسوم ميلانو الصادر سنة 313م. و إذا كان الباحثون قد اختلفوا حول حقيقة اعتناق قسطنطين للمسيحية، فما يهم هنا هو أن مسار الفكر المسيحي سيتخذ منحى آخر بدخول أمم ذات حضارات عريقة و متنوعة في الديانة المسيحية، لتجد هذه الأخيرة نفسها في مواجهة الأفكار الغنوصية و الديانات الشرقية و الفلسفة اليونانية، و التي ستترك بصماتها واضحة في الفكر المسيحي، كما سيتطور علم اللاهوت المسيحي، و ستظهر مذاهب و تيارات عديدة بحثت في العلاقة بين الله و المسيح، و نبوته و معجزاته، و عقائد المسيحيين التي ستتعدد و تتنوع و سيطالها التحريف.

فما هي أبرز عقائد المسيحيين؟

و ما هي الأسس التي تقوم عليها عقائدها؟

ما هي أبرز التيارات و المذاهب المسيحية؟

كيف سيحاول آباء الكنيسة التوفيق بين الفلسفة و المسيحية؟ و بينها و بين السياسة؟

هذه الأسئلة سنحاول اليوم بإمكانياتنا المتواضعة محاولة الإجابة عنها.

I- المسيحية و المسيح

1- ظهور المسيح و حياته[4].

يعتبر الإطلاع على حياة السيد المسيح أمرا ضروريا لكل راغب في دراسة الديانة المسيحية، و تقدم لنا الأناجيل عرضا مستوفيا لحياته، كما يحفل القرآن بآيات عديدة من مراحل حياة السيد المسيح.

أجمعت المصادر على أنه قد أرسل ((جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليلُ اسمها ناصرة، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف. و اسم العذراء مريم. فدخل إليها الملاك و قال: سلام لك أيتها المنعم عليها! الرب معك.مباركة أنت في النساء))[5] ، و قد فزعت مريم لرؤيته "قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام و لم يمسسني بشر و لم أك بغيا"[6]، فأجابها جبرائيل بأن ابنها روح من الله الذي اصطفاها، و إذا كانت الأناجيل تنسب إلى جبرائيل قوله: ((القدوس المولود منك يدعى ابن الله))[7]، فإن القرآن قد رد على ذلك بلسان المسيح: "قال إني عبد الله أتاني الكتاب و جعلني نبيا"[8]. و تجدر الإشارة هنا إلى أن الأناجيل تورد لنا قصة يوسف النجار الذي كان خاطبا لمريم و لما علم بحملها تضايق و انزعج، إلى أن ظهر له ملاك الرب في حلم قائلا:((يا يوسف ابن داود، لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك. لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. فستلد ابنا و تدعو اسمه يسوع. لأنه يخلص شعبه من خطاياهم))[9].

و تستحق الجملة الأخيرة أن نتوقف عندها، إذ ألا يمكن القول أنها تشكل استمرارا لفكرة "المخلص" التي آمنت بها ديانات أخرى، و أنها الفكرة التي ستصبح محور الديانة المسيحية، و أهم عقيدة من عقائد المسيحيين؟؟، ألا تنطوي هذه الفكرة على شوفينية تناقض أساس الديانة المسيحية، إنها تجعل المسيح عليه السلام و أتباعه هم فقط من يمتلكون الخلاص، و هكذا فالمسيح حسب هذه الفكرة هو آخر الرسل، أو لنقل بمعنى أصح "المخلص الأخير"؟؟.

بعدما ولد يسوع حمله يوسف و مريم و هربا به إلى مصر خوفا من طغيان هيرودوس، الذي أمر بقتل كل طفل يولد في بيت لحم بناء على ما سمعه من المجوس عن المسيح الذي سيقضي على ملكهم[10]، و يلفت انتباهنا هنا ذلك التشابه بين هذه الرواية، و قصة موسى عليه السلام مع فرعون، حينما أمر الأخير بذبح كل وليد، فهل الأمر محض مصادفة؟، أم أن الرواية ككل مما يجب أن يعاد فيه النظر؟؟.

و اشتهر المسيح في طفولته بذكائه، و بعد مدة سيتعمد عيسى عليه السلام على يد يوحنا[11]، ((و كان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم، و يكرز ببشارة الملكوت، و يشفي كل مرض و كل ضعف في الشعب. فذاع خبره في جميع سورية. فأحضروا إليه جميع السقماء المصابين بأمراض و أوجاع مختلفة، و المجانين و المصروعين و المفلوجين، فشفاهم. فتبعته جموع كثيرة من الجليل و العشر المدن و أورشليم و اليهودية و من عبر الأردن))[12]، غير أنه سيعود للخليل عندما سمع بوفاة يحيى، لتبدأ دعوته و معها معجزاته خاصة علاج المرضى، لينتشر بذلك صيته في أرجاء المنطقة، و سيضع أسس الديانة المسيحية في واحدة من أشهر عظاته و هي "عظة الجبل".

و سرعان ما سيصطدم عيسى عليه السلام باليهود عند مهاجمته لهم بقوله:((ويل لكم أيها الكتبة و الفريسيون المراؤون! لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس، فلا تدخلون أنتم و لا تدعون الداخلين يدخلون. ويل لكم أيها الكتبة و الفريسيون المراؤون! أنكم تأكلون بيوت الأرامل، و لعلة تطيلون صلواتكم. لذلك تأخذون دينونة أعظم. ويل لكم أيها الكتبة و الفريسيون المراؤون! لأنكم تطوفون البحر و البر لتكسبوا دخيلا واحدا، و متى حصل تصنعونه ابنا لجهنم أكثر منكم مضاعفا))[13].

فكانت نتيجة هذا الهجوم اجتماع رؤساء الكهنة في منزل كبيرهم "قيافا" للتشاور في طرائق القضاء عليه، و من ثم أخذوا يكيدون له عند الوالي، الذي أثرت فيه دسائسهم ((حينئذ ذهب واحد من الإثنى عشر، الذي يدعى يهوذا الإسخريوطي، إلى رؤساء الكهنة و قال: ماذا تريدون أن تعطوني و أنا أسلمه إليكم؟، فجعلوا له ثلاثين من الفضة. و من ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه))[14]، و أرسل الوالي صحبة يهوذا من يلقي القبض على يسوع، هذا الأخير أحس بما يدبر له، فالتجأ مع أصحابه إلى موضع ((يقال لها جثسيماني، فقال للتلاميذ: اجلسوا هاهنا حتى أمضي و أصلي هناك. ثم أخذ معه بطرس و ابني زبدي، و ابتدأ يحزن و يكتئب. فقال لهم: نفسي حزينة جدا حتى الموت. امكثوا هاهنا و اسهروا معي. ثم تقدم قليلا و خر على وجهه، و كان يصلي قائلا: يا أبتاه، إن أمكن فلتعبر عني هذا الكأس، و لكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت. ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياما، فقال لبطرس: أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة؟ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة. أما الروح فنشيط و أما الجسد فضعيف. فمضى أيضا ثانية و صلى قائلا: يا أبتاه، إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها، فلتكن مشيئتك. ثم جاء فوجدهم نياما، إذ كانت أعينهم ثقيلة. فتركهم و مضى أيضا و صلى ثالثة قائلا ذلك الكلام بعينه. ثم جاء إلى تلاميذه و قال لهم : ناموا الآن و استريحوا هوذا الساعة قد اقتربت، و ابن الإنسان يسلم إلى أيدي الخطاة. قوموا ننطلق! هو ذا الذي يسلمني قد اقترب!))[15].

و عندما جاء يهوذا قبل يدي عيسى و كانت هذه هي الإشارة المتفق عليها مع الكهنة للقبض على يسوع، و بعدما قبض عليه اقتيد إلى "قيافا" رئيس الكهنة، حيث اجتمع باقي الكهنة و الشيوخ. و في الغد سيسلم للحاكم "بيلاطيس"، حيث أنه و بعد محاكمته تقرر صلبه، "و كان الوالي معتادا في العيد أن يطلق في الجمع أسيرا واحدا تقرر إعدامه هدية منه للشعب في كل عيد، و كان اليهود آنذاك يحتفلون بعيد من أعيادهم، و قد وجد اثنان حكم عليهما بالإعدام، هما عيسى عليه السلام و أسير آخر اسمه (باراباس) و لعل الوالي أراد أن ينجو بعيسى، فاتجه للجموع سائلا إياها اختيار أحد الإثنين، و لكن رؤساء الكهنة و الشيوخ حرضوا الجموع على أن يطلبوا نجاة (باراباس) و اهلاك يسوع، وصاحوا به: ليصلب"[16].

و تقول الرواية المسيحية إن عيسى قد صلب و دفن ثم قام من قبره، و صعد إلى جبل الجليل حيث التقى بتلاميذه الأحد عشر، و أمرهم بحمل الرسالة ((فاذهبوا و تلمذوا جميع الأمم و عمدوهم باسم الأب و الابن و الروح القدس. و علموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. و ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر))[17]. و يحق لنا أن نقف عند هذا المقطع لمسائلته، و محاولة استبطان لخطاب الذي بين السطور، إذ ألا يمكن لنا لنا أن نفترض أن هذا النص قد تعرض "لأدلجة" الهدف منها هو منح التبرير لآباء الكنيسة باعتبارهم ورثة يسوع. ذلك أن هذا النص يتكون من جزئين رئيسيين نقترح قرائتهما على النحو التالي :

* الجزء الأول: أكد على عالمية الرسالة المسيحية، و على ضرورة نشرها بين الأمم، و هذا ما ستبرر به الكنيسة حربها الشرسة على الوثنية و الديانات الأخرى انطلاقا من اكتسابها لسلطة مستمدة من الدولة بموجب مرسوم ميلانو وصولا إلى حملات التبشير خلال القرن العشرين.

* الجزء الثاني: منح فيه المسيح سلطة التعميد و التوجيه و الإرشاد لحوارييه بشكل يكاد يكون مطلقا، و هو ما سيشكل فيما بعد عماد نظرية الوحي الذي ينزل على آباء الكنيسة.

تبقى هذه مجرد قراءة انطلقت من فرضية رئيسية و هي تعرض النص الديني المسيحي ممثلا في "الإنجيل" للتحريف، أو لنقل "الأدلجة"، فالتحريف جاء لأغراض و لأهداف معينة حكمتها توجهات معينة آباء الكنيسة، و هذا ما يفسر تعدد الأناجيل، و بعض الإختلافات الموجودة في متونها.

نترك هذه المسألة جانبا لنعود إلى مسألة نهاية المسيح. حيث تقدم لنا الرواية الإسلامية نهاية أخرى إذ أنه "عند تقبيل الخائن لمسيح ألقى اله على الخائن شبه عيسى و ملامحه تمما، فأصبح الدليل هو المدلول عليه، و أصبح الذي قبل يحمل جميع ملامح الذي قبل، و تقدم جند الرومان فقبضوا على الخائن و ارتج عليه أو اسكته الله فلم يتكلم حتى نفذ فيه حكم الصلب"[18] و تؤكد الآية القرآنية هذا: " و قولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و ما قتلوه و ما صلبوه و لكن شبه لهم و إن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن و ما قتلوه يقينا"[19].

شكلت وفاة المسيح محطة مفصلية في تاريخ الفكر المسيحي الذي سيعرف منعرجات و منعطفات مهمة، قبل أن نخوض فيها نرى أنه من الأجدر بنا أن نعطي لمحة سريعة عن المعتقدات المسيحية و شعائرها.

2- شعائر المسيحية و معتقداتها [20]

حفلت التعاليم التي جاء بها السيد المسيح بالأخلاقيات و لم تتناول المسائل التنظيمية و المسائل السياسية، و يرجع الفضل إلى "القديس بولس في تنظيم المجتمعات المسيحية الأولى، و وضع قواعد اللاهوت و ما يرتبط بها من فلسفة المسيحية المتعلقة بالأخلاق و الأخرويات كالموت و البعث و الحساب و الخلود، فضلا عن جهوده في وضع دعائم الكنيسة الكاثوليكية العالمية"[21]، و قد تميز التنظيم الكنسي خلال العصر المسيحي الأول ببساطة مطلقة، إذ "لم يتعد الرابطة الدينية بين مجتمعات مسيحية مستقلة بعضها عن بعض، لكل مجتمع منها أسقف يساعده فريق من القساوسة و الشمامسة"[22].

و يؤمن المسيحيون بأن الإنسان قد حكم عليه بالمعاناة منذ خطيئة آدم، و لكن يشاء الله أن يرحم عباده فيرسل ابنه فداء للبشرية، و بهذا فصلب المسيح جاء لرفع خطيئة العالم، و نجاة الإنسان من جهنم و نيله للحياة الأبدية جاء نتيجة لموت المسيح، "و الأموات قبل مجيء السيد المسيح كانوا يرقدون على رجاء القيامة. لذلك فالطريق الوحيد لخلاص النفس هو الإيمان بالسيد المسيح و تطبيق تعاليمه"[23].

و يجعلنا هذا المفهوم نتسائل عن مصير الموتى قبل قدوم "المخلص" و هو هنا السيد المسيح؟ و ماذا عن أولائك الذين لم يؤمنوا به؟ هل كتبت عليهم جهنم لأنهم استمرارية للإنسان الخاطيء؟. ألا ينطوي هذا المفهوم على شوفينية تجعل من المسيحية هي دين الله المختار؟ و بالتالي تشكل استمرارية أو بمعنى أصح لنقل بلورة لفكرة "شعب الله المختار" ؟ تساؤل له ما يبرره إذا ما استحضرنا معطى أساسيا، و هو أن "القديس بولس" واضع أسس و تعاليم الديانة المسيحية كان يهودي المعتقد، قبل أن يتحول للمسيحية؟. فهل تكون هذه الفكرة من التراث اليهودي الذي دخل إلى الدين المسيحي؟؟.نضيف أيضا أن من أوائل الفرق المسيحية فرقة حملت اسم "التهودية"، و هي فرقة من اليهود دخلت الدين المسيحي و احتفظت بتراثها اليهودي "و الجدير بالذكر أن المسيحية تأثرت بأفكار الفريسيين رغم شدة هجومها عليها"[24]؟؟.

و يؤمن المسيحيون أيضا بأن الله واحد يتمثل في ثلاثة أقانيم هي الأب،الابن و الروح القدس، و إذا أردنا استعارة نموذج من الرياضيات، فنستطيع القول أنهم "لا يعتبرونها مسألة جمع ك 1+1+1=3 بل مسألة ضرب ك 1*1*1=3"[25] و هي بالنسبة إليهم من الحقائق التي تسمو فوق العقل فالمخلوق لا يستطيع أبدا إدراك ذات الخالق. أما المسيح فهو كلمة الله الموجودة منذ الأزل، بل هناك من ذهب إلى اعتباره هو الله نفسه ظهر في جسد بشري "يأكل و يشرب و ينام و يتألم ليقدر أن يموت عن الخطاة بجسده، فهو ليس ميخائيل و هو ليس بشرا فقط من نسل آدم، و لكن الله المتجسد بشرا، و لذلك أطلق الكتاب عليه اسم (ابن الله) و (ابن الإنسان)، فهو الإله الكامل، و الإنسان الكامل"[26].

و لا تقوم المسيحية على العمل من طاعات و عبادات، فالفكرة الأساسية التي تحكمها هي التعميد و نعني بالتعميد تطهير المرء من ذنوبه ليحصل على الخلاص، و قد اختلف المسيحيون حول وقت إجراء التعميد، فجعله البعض وقت الولادة، و جعله آخرون عند الاحتضار، و ذهب آخرون إلى عدم تحديد وقت معين له "و طريقة التعميد هي رش الماء على الجبهة أو غمس أي جزء من الجسم في الماء، و يكثر أن يغمس الشخص كله في الماء، و لابد أن يقوم بهذه العملية كاهن يعمد الإنسان باسم الأب و الابن و الروح القدس، و لا يقوم غير الكهنة بالتعميد إلا للضرورة"[27].

و الجدير بالذكر أن التجربة "الدينية عند المسيحي تستند إلى تقليد المسيح، بوصفه نموذجا يحتذى، و إلى الاهتداء بنهجه في الحياة، و استعادة موته و انبعاثه، بصورة طقسية من خلال العبادات و الشعائر. إنها تقوم على معاصرة المسيح و على مواكبة الأعمال التي أتاها في ذلك الزمان، الزمان الذي يبدأ مع الولادة في بيت لحم، و ينتهي بالصعود إلى السماء"[28]، و بهذا فالمسيحي أثناء طقوسه الدينية لا يحيى حياة المسيح، بقدر ما يعيد تفعيل سر ديني و يمنحه الراهنية من جديد. و هذا الكلام يبقى نسبيا لارتباطه بعوامل أخرى كنسبة التزام المسيحي، و مذهبه، و إيمانه بمعتقداته، و هنا لا بد أن ننبه أن ما ذكرناه آنفا يكاد يكون مشتركا بين جميع المذاهب المسيحية، رغم وجود بعض الفروق بينها و التي لا يتسع المجال لذكرها.

II- تطور الفكر المسيحي

1- التيارات و المذاهب المسيحية.

شغلت العلاقة بين الله و عيسى الفكر المسيحي منذ بداياته الأولى، فالعهد الجديد نظر إلى المسيح على أساس أنه إله و إنسان في آن واحد، هذا الرأي قد يرضي معتنقي المسيحية الأوائل الذين كانوا من طبقات فقيرة و محدودة الثقافة، لكن انفتاح المسيحية على محيط أكبر بدخول المثقفين و الفلاسفة و الطبقات العليا فيها، سيفرض على آباء الكنيسة إيجاد حل لهذه الأسئلة يتجاوز الأجوبة العادية أو الميتافيزيقية التي تقنع عامة الناس. من هنا ستظهر آراء حاولت وضع لاهوت علمي منظم.

و قد "جاء التطور أو الإتفاق الأول على يد مونناس في أواسط القرن الثاني، و هو مؤمن من فيريجيا في شرق آسيا الصغرى، ادعى النبوة و عاش ناسكا متقشفا"[29] و قد قال مونناس بانقطاع الوحي و قال عن نفسه "أن استمرارية الوحي في شخصه ... الذي هو ... المعزي الذي يتكلم الروح القدس من خلاله للكنيسة. و نادى بأن المسيح قريب على الأبواب و على الكنيسة أن تبتعد عن العالم و تترقب قدوم المسيح"[30].

غير أن أهم دعوة سيعلو صوتها هي الدعوة الأريوسية نسبة إلى قسيس سكندري من أصل ليبي و هو "أريوس" (250م-336م) الذي عرف بالموحد، و قد كان آريوس عالما ضليعا "في شؤون الدين و الآراء الفلسفية التي عرفتها المنطقة، و هي تلك التي جاءت أصلا مع فتوح الإسكندر في القرن الرابع قبل الميلاد و نمت و نضجت و أنتجت مذاهب فلسفية خاصة بالمنطقة"[31]، و تركزت تعاليم أريوس حول الفصل بين طبيعة المسيح و طبيعة الإله، فالأب هو المستحق للقب الإله، أما الإبن "فلم يكن سوى إله ثانوي منخفض الرتبة، لكنه تميز عن بقية المخلوقات في أنه كان صورة الأب في جوهره"[32].

ذلك أنه إذا كان "الله الأب مطلق الكمال، و مطلق السمو،و مطلق التباث، و إذا كان منشيء كل الأشياء دون أن يكون في ذاته صادرا عن أي شيء آخر فإنه من الواضح أن كل شيء و كل شخص آخر في العالم منفصل عن الله (...) و إذا كان كل شيء منفصلا عن الله، فلا بد إذن أن يكون يسوع أيضا منفصلا عن الله"[33].

سيصطدم أريوس "بإثناسيوس" رئيس كنيسة الإسكندرية و الذي اعتبر أن "فكرة الثالوث المقدس تحتم بأن يكون الابن مساويا للإله الأب تماما في كل شيء بحكم أنهما من عنصر واحد بعينه هذا و إن كانا شخصين متميزين"[34]، و أمام تعمق هوة الخلاف بين إثناسيوس و أريوس و فشل محاولات رأب الصدع بينهما سيدعو "قسطنطين إلى عقد مجمع ديني في "نيقيه" سنة 325م لحسم الخلاف"[35]، و سيصدر هذا المجمع "قانون الإيمان" الذي رفض مذهب أريوس، و أقر إثناسيوس على قوله، غير أن هذا لم يمنع المذهب الأريوسي من الانتشار خاصة في أواسط الشعوب الجرمانية و القوطية.

ستعرف الكنيسة انشقاقا آخر نسبة إلى "نسطور"، و هو أسقف القسطنطينية، الذي ناصب العداء للأريوسية، و أعلن أن مريم العذراء التي اعتبرها أم المسيح أو السيدة التي حبلت به لكنها لم تكن والدة الإله، ذلك أن المسيح هو شخصان، بشري ولدته مريم، و إلاهي و هو كلمة الله الأزلية. و أمام المعارضة التي لقيها نسطور، عقد مجمع "أفسس" سنة 431، و الذي سيدين أفكار نسطور معلنا أن يسوع شخص واحد ولدته مريم العذراء. فيه استقرت كلمة الله الأزلية، و به اتحدت اتحادا وثيقا. فهو إذا إله حق و إنسان حق.

و لم تكن هذه آخر الإنشقاقات إذ سيظهر "أوطيخا" رئيس أكبر أديرة القسطنطينية، الذي قال بأن طبيعة المسيح البشرية اضمحلت في طبيعته الإلهية، و بالتالي فالمسيح من طبيعة واحدة، و قد سمي هذا المذهب بمذهب "الطبيعة الواحدة" أو "المذهب المونوفيزيقي". لقد بدت هذه التعاليم مناقضة لتعاليم الكنيسة، لذلك حرمها "مجمع خلقدونيا" الذي انعقد سنة 451 م، و الذي اقره ما أقره مجمعي "نيقيه و أفسوس" قبله حول طبيعة المسيح البشرية، و كونه تجسد لكلمة الله الأزلية.

و لن نتابع الإنشقاقات التي حدثت بعد هذا نظرا لعدم دخولها في صلب موضوعنا، غير أنه علينا أن نشير إلى أن القرآن الكريم قد ناقش العلاقة بين الإله و المسيح مؤكدا على طبيعته البشرية، فنجد في سورة مريم: " قال إني عبد الله أتاني الكتاب و جعلني نبيئا. و جعلني مباركا أين ما كنت و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا. و برا بوالدتي و لم يجعلني جبارا شقيا. و السلام علي يوم ولدت و يوم أموت و يوم أبعث حيا. ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون. ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون"[36]. و نجد في موضع آخر: "وقالت اليهود عزيز ابن الله و قالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يوفكون. اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله و المسيح ابن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلاها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون"[37].

لقد أكد الإسلام من خلال هذه الآيات على مبدأ الوحدانية، و بشرية الرسل، فهو هنا فصل الذات الإلاهية عن الذات البشرية، معطيا لكل منهما خصوصياته و مميزاته، أما الإيمان بالتجسد الإلاهي في البشر فهو يجعلنا نتساءل حول مدى إمكانية أن تكون هذه الفكرة مطورة عن فكرة الجن التي تسكن البشر، و التي آمنت بها المجتمعات البدائية، و أن تكون هذه الفكرة استمرارية لفكرة التناسخ؟؟.

2- المسيحية بين السياسة و الفلسفة.

جاءت المسيحية كديانة روحية خالصة فقط، ذلك أن تعاليم المسيح لم تتضمن أسسا للدولة، بل عمل من البداية على الفصل بين الدين و الدولة، و يظهر ذلك بوضوح من خلال قوله: "مملكتي ليست من هذا العالم"، أو قوله "ما لقيصر لقيصر و ما لله لله"، فهي اذا نصت على التسليم للسلطة الزمنية الموجودة، إلا أن السلطة السياسية فرضت نفسها على الفكر المسيحي، حيث سيدور "و لقرون حول الصراع بين السلطتين الدينية و الزمنية، و حيث اكتبست الكنيسة و رجالها و على رأسهم البابا – رأسها و وريث الحواريين- سلطة سياسية ضخمة من وراء السلطة الدينية"[38]، و هذا ما سيتجلى بشكل واضح مباشرة بعد انتصار المسيحية باعتراف "قسطنطين" بها كديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية، و هذا ما سيقود إلى قيام علاقة جديدة بين الكنيسة و الدولة، خاصة مع بداية اضمحلال الإمبراطورية، ليعوض الدين الدولة، و سنحاول هنا أن نسوق بعضا من النماذج للفكر المسيحي، محاولين إظهار المحاولات التوفيقية لآباء الكنيسة بين الدين و السياسة.

كانت مسألة التوفيق بين واقع الإستعباد و الرق داخل الإمبراطورية، و ما تنادي به المسيحية من مثالية أهم ما شغل آباء الكنيسة، لهذا قالوا "أن الأصل قبل ارتكاب الأفراد للمعصية الأولى كان المساواة المطلقة و الحرية التامة. و بالتالي فإن وجود عدم المساواة على الأرض بالنسبة للفرد، أو وضعه في إطار العبودية تعتبر أمورا عرضية دنيوية، و على الفرد أن يتقبلها كنوع من التكفير عن الذنب"[39]. و من هذا المنطلق فغياب المساواة في الحياة الدنيوية، لا يهم ما دامت الحياة الأبدية تعد بالمساواة و الحرية، و بالتالي فالمسيحية تقبلت الرق لأنه لا يتعدى مجرد كونه عبودية للجسد، أما الروح فتظل طليقة. و لم "تسع لتضييق أبواب الدخول إليه أو فتح منافذ الخروج منه"[40].

هذه الفكرة ستقود إلى فكرة أخرى و هي الطاعة المطلقة للحكومات مهما كانت، و هناك من ذهب إلى حد طاعتها و لو خالفت تعاليم الدين، و مرد ذلك إلى "وظيفتها في التغلب على الشر الدنيوي"[41]. أما البابا "جيلاسيوس" فقد جاء بنظرية "السيفين" أو فصل السلطتين، فمن "ناحية هناك سلطة الكنيسة التي تعنى أساسا بما يتعلق بالوضع الروحي للفرد و غير هذا بما يتعلق بالمظاهر الروحية حتى حياة الإمبراطور نفسه. و من ناحية أخرى هناك سلطة زمنية تتضمن كافة مجالات حياة الأفراد الدنيوية، و إن كان كلا من السلطتين مستمدة من أصل إلاهي، و كلا منهما تعتمد بالضرورة على الأخرى"[42].

و من الجدير بالذكر أن الفكر المسيحي مارس في بداياته نوعا من أنواع التقية السياسية عبر مناداته بضرورة خضوع الكنيسة للدولة، و مرد ذلك إلى كون الكنيسة كانت لا تقوى على مواجهة سلطة الدولة، سيبدو ذلك واضحا مع ازدياد نفوذها، فنجد "القديس أوجستين" (430-354) ينظر إلى الكنيسة المسيحية على أساس أنها "منظمة غايتها تحقيق الوحدة بين جميع المؤمنين في العالم الذين هم أقرب إلى أن يكونوا مواطنين في مدينة الله.

"... و من هنا فإن أوجستين يرى أن تخضع الدولة للكنيسة و تنفذ أوامرها، و أن الدول يجب أن تعترف بالديانة المسيحية كدين رسمي لها وفقا لرأيه"[43]، و بالتالي لابد من خضوع الدولة للكنيسة. غير أن أوجستين و رغم هذا الموقف سيهادن السلطة بتنصيصه على عدم جواز الخروج عن الحاكم، حتى و إن كان فاسدا، حجته في ذلك أن وجود السلطة الزمنية "و ما ارتبط بها من حق السلطان في الإكراه، و ما ارتبط بذلك من مستلزمات من سيف و حرب و ملكية فردية، حيث أن هذه الأمور تعتبر عقابا على الخطيئة الأولى و ضمانا للنظام بعدها"[44]. إن أوجستين و من تلاه من خلال تبنيهم لهذا الموقف و شرعنتهم لسلطة الدولة و للرق و العبودية، قد دخلوا في تحالف تاريخي مع النظم السياسية كانت نتيجتها العصور الوسطى بكل ما جنته من كوارث على أوروبا، و نتيجتها الثانية هي الخروج عن جوهر الدين المسيحي كدين سماوي إلى مزالق جعلته عرضة للتحريف و التزوير خدمة لإيديولوجيات معينة.

و لم تكن العلاقة مع السياسة هي التحدي الوحيد الذي واجه الكنيسة، إذ ستبرز الفلسفة إلى الواجهة، هذا التحدي فرضه اتساع رقعة العالم المسيحي و شموله لأمم متنوعة برصيد حضاري مهم، مما استلزم من آباء الكنيسة الإهتمام "بحلقة الصناعات الحرة و بالفلسفة التي تكتنفها، ليدرج في ثناياها رسالة الإنجيل"[45].

من هنا سينشأ تياران متعارضان داخل المسيحية: الأول هاجم الفلسفة باعتبارها هرطقات تتعارض مع الدين، و تشكل خطرا عليه. أما التيار الثاني فقد رأى أنها ممهدة دين و مكملة له. و يرجع بعض مؤرخي الفكر المسيحي أول محاولة توفيقية بين الدين و الفلسفة إلى "شاوول اليهودي" الذي سيعتنق المسيحية و سيحمل اسم "بولس الرسول" الذي حاول الجمع بين عقيدة المسيح المبنية على إله واحد "و بين الأفلاطونية المحدثة التي تقول بضرورة وجود الوسيط بين الله و العالم، معتمدا في ذلك على فكرة "التثليت" و قد حدث ذلك بعد حوالي عام أربعين للميلاد"[46]، غير أن حدة الصدام مع الفلسفة ستعلو بعد الإعتراف الرسمي بها، و قد كان "كليمنت الإسكندراني" و "القديس أغسطينوس" من أوائل المتأثرين بالأفلاطونية المحدثة، فنجد "أغسطينيوس" في كتابه "مدينة الله" يرجع إلى "التقسيم الثلاثي الأفلاطوني في الفلسفة، و يذكره مع رأيه في الفلسفة، أن مسائلها ترتد كلها إلى مسألة النفس و الله. فيقسم الفلسفة إلى فلسفة طبيعية، غرضها الطبيعة، و على منطق أو علم عقلي يمد بالوسائل التي تكفل معرفة الحق و إلى علم في الأخلاق أو العادات، أخيرا يعالج الأخلاقيات"[47]، و سيبدو تأثير الفلسفة اليونانية واضحا على الفكر المسيحي إذ أن كل المذاهب التي انشقت عن المسيحية كانت في أساسها تعود إلى أفلاطون أو أرسطو "بحيث أن هذين الفيلسوفين استشهد بهما سبعة قرون بعد وفاتهما، و ذك عن طريق الأفلاطونية الجديدة التي ازدهرت في القرن الرابع، بدءا من مصر"[48]. و سرعان ما سيعوض علم اللاهوت المسيحي الفلسفة اليونانية.

كانت العلاقة إذا بين المسيحية و الفلسفة من جهة، و بينها و بين السياسة من جهة أخرى متغيرة تبعا لاجتهادات آباء الكنيسة، و لمحاولاتهم التوفيقية أو المهاجمة لهما.

خاتمة: نحو بداية جديدة

و أخيرا لابد لنا أن نسجل أن البحث في تاريخ الديانة المسيحية ليس بالأمر اليسير، إذ واجهتنا صعوبات على المستوى المنهجي من قبيل فصل الذات عن الموضوع، و صعوبات أخرى تتعلق بضيق هامش البحث، و صعوبة الإحاطة بالمادة المعرفية نظرا لغزارتها، بيد أنه يجب أن نسجل أنه و رغم هذا الكم من الدراسات فإن القليل منها هو الذي تمكن من التحلي بأقصى قدر ممكن من الصرامة العلمية، أما أغلب الدراسات الأخرى فقد اتخذت واحدا من اثنين إما موقفا هجوميا عدائيا، أو موقفا دفاعيا، و هو ما أثر سلبا عليها.

إن البحث في تاريخ الديانات يكتسي أهمية خاصة اليوم، في ظل ما يروج من أطروحات حول صراع الأديان، و إن كان الصراع واقعا تاريخيا، فإنه في وجهن نظرنا الشخصية من الممكن القفز عليه لبناء مرحلة جديدة بتوجهات جديدة، يبقى الشرط الأساسي هو الرغبة الحقيقية و الإعتراف المتبادل بالآخر، و هنا نتوقف عند هذه النقطة لنثير ملاحظة أساسية، و هي أنه إلى اليوم لازال الكتاب المقدس يضم بين دفتيه العهدين الجديد و القديم فقط، في حين يتم استبعاد القرآن الكريم، و هو ما يحمل أكثر من دلالة، بالرغم من أن القرآن الكريم اعترف بالمسيحية كديانة بالرغم من اختلافه معها، في حين أن اليهود كانوا هم أول من هاجم المسيحية، و نكروا نبوة السيد المسيح؟؟.

إن هذا الموقف لا يمكن أن يفسر إلا بشيء واحد و هو أن واقع الصراع الذي تحدثنا عنه ليس وليد الديانات، بقدر ما هو وليد مصالح و إيديولوجيات معينة، إنه ذلك التواطؤ التاريخي بين السياسة و الإقتصاد تحت عباءة البابا، و يبقى السؤال المطروح اليوم: هل يستطيع رجال الدين المنتمين للديانات التوحيدية الثلاث (اليهودية – المسيحية و الإسلام) أن يتجردوا من كل التراكمات التاريخية التي خلفتها قرون طويلة من الصراع، حركته دوافع سياسية و اقتصادية بالاساس، و يبحثوا عن العودة إلى الأصل المشترك بينهم؟.

تبقى الإجابة عن هذا السؤال في نظرنا هي الشرط الأساسي نحو بداية جديدة لحوار حقيقي يؤمن بأن الله إله واحد هو خالق كل شيء، و هو منبع كل الديانات.

تم بحمد الله و توفيقه

يوم السبت 26 أبريل 2008

الساعة : 00.10

البيبليوغرافيا المعتمدة في انجاز العرض

أ- المصادر

1- القرآن الكريم

2- العهد الجديد

ب- المراجع

3- ايلياد ميرسيا، "الأساطير و الأحلام و الأسرار"، ترجمة حسيب كاسوحة، منشورات وزارة الثقافة السورية، ط.1، دمشق، 2004.

4- دو هامل أوليفير و شاطليط فرانسوا، "تاريخ الأفكار السياسية"، ترجمة خليل أحمد خليل، معهد الإنماء العربي، ط.1، بيروت، 1984.

5- شلبي أحمد ، "المسيحية". مكتبة النهضة المصرية، ط.10، القاهرة، 1998

6- عاشور سعيد عبد الفتاح ، "أوروبا العصور الوسطى". مكتبة الأنجلو المصرية، ط.8، القاهرة، 1981.

7- العريني السيد الباز ، "الدولة البيزنطية (323 – 1081)"،دار النهضة العربية، ط.1، بيروت، 1988.

8- غردية لويس و ج.قنواتي، "فلسفة الفكر الديني بين الإسلام و المسيحية"، ترجمة صبحي الصالح و فريد جبر، دار العلم للملايين، ط.1، بيروت، 1967.

9- كولر جون ، "الفكر الشرقي القديم"، ترجمة كامل يوسف حسن، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، العدد 199، الكويت، يوليوز/غشت 1995.

10- مجاهد حورية توفيق، "الفكر السياسي من أفلاطون إلى محمد عبده"، مكتبة الأنجلو المصرية، ط.2، القاهرة، 1992.

11- معوض رمسيس ، "الهرطقة في الغرب"، سينا للنشر و مؤسسة الانتشار العربي، ط.1، القاهرة و بيروت، 1997.

ج- المقالات و المواقع المعلوماتية:

12- البدري محمد، "دور المعرفة بين الشرق و الغرب"، 21 أكتوبر 2004، عن موقع:

www.metransparent.com/texts/mohamed_el_badry_devlopement_of_knowledge_betwen_east_and_west.

13- الجابري محمد عابد، "عبد الله أريوس ... و الأريوسية"، د.تاريخ، عن موقع:

www.iraqcp.org/members3/00613h.htm

14- زيادة نقولا، د.عنوان، 02 ماي 2006، عن موقع:

www.centre-catholique.com/newsdetails.asp§newid = 7724

15- الصويان سعد، "منزلة العقل في الفكر الديني المسيحي"، الثلاثاء 26 سبتمبر 2006، عن موقع:

www.alarabiya.net/articls/2006/09/26/27784.htm

16- موقع

www.arabic.islamweb.com/christianity/history-of-christianity.htm

17- موقع

Ar.wikipedia.org/wiki

18- موقع

www.carm.org/arabic/christianity.htm

19- موقع

www.enjeely.com/vb/showthread.php?t=116

20- موقع

St-takla.org

الهوامش

[1]- من خلال وضعنا لكلمة "المسيحية" في محرك البحث غوغل نحصل على أكثر من 1.250.000 صفحة بحث حولها.[1]

[2] - على سبيل المثال قام نيرون بإحراق عدد كبير من المسيحيين في حدائق قصره سنة 68م.

[3]- سعيد عبد الفتاح عاشور، "أوروبا العصور الوسطى". مكتبة الأنجلو المصرية، ط.8، القاهرة، 1981، ص51.

[4]- لابد لنا أن نسجل هنا أننا لن نأتي على ذكر حياة السيد المسيح لذكره، فذلك مما لا يتسع المقام له هنا.

[5]- إنجيل لوقا، الإصحاح الأول، من الآية 26 إلى 28.

[6]- سورة مريم، من الآية 17 إلى 20.

[7]- لوقا، 1، 35.

[8]- سورة مريم، آية 29.

[9]- إنجيل متى، الإصحاح الأول، الآيتان 20و21.

10- تجدر الإشارة إلى أن المصادر ممثلة في الأناجيل لم تتحدث كثيرا عن طفولة عيسى، فكل ما نعرف عنه أنه اشتهر بذكائه، و أنه كان يطوف المدن مع أمه.

[11] سنأتي على ذكر التعميد فيما بعد.

- متى، 4، من 23 على 25.[12]

- نفسه، 23، من 13 إلى 15.[13]

- نفسه، 26، من 14 إلى 16.[14]

- نفسه، 26ن من 36 إلى 46.[15]

- أحمد شلبي، "المسيحية". مكتبة النهضة المصرية، ط.10، القاهرة، 1998، ص 37.[16]

- متى، 28، 19-20.[17]

- أحمد شلبي، مرجع سابق...، صص 54-55.[18]

- سورة النساء، الآية 157.[19]

- سنحاول الحديث عن الشعائر المشتركة علما أنه توجد فروق تمليها الاختلافات المذهبية.[20]

- سعيد عبد الفتاح عاشور، مرجع سابق ...، صص 48-49.[21]

- نفسه، ص 63.[22]

- www.carm.org/arabic/christiany.htm - عن موقع [23]

- رمسيس معوض، "الهرطقة في الغرب"، سينا للنشر و مؤسسة الانتشار العربي، ط.1، القاهرة و بيروت، 1997،ص 19.[24]

- ar.wikipedia.org/wiki - عن موقع[25]

- نفسه.[26]

- أحمد شلبي، مرجع سابق، ص 172.[27]

- ميرسيا ايلياد، "الأساطير و الأحلام و الأسرار"، ترجمة حسيب كاسوحة، منشورات وزارة الثقافة السورية، ط.1، دمشق، 2004، ص 31.[28]

www.centre-catholique.com - نقولا زيادة، د.عنوان، عن موقع[29]

www.enjeely.com - عن موقع[30]

- نقولا زيادة، مرجع سابق.[31]

- نفسه.[32]

www.iraqcp.org – عن موقع [33]

- سعيد عبد الفتاح عاشور، مرجع سابق ...، ص 57.[34]

- نفسه، صص 57-58.[35]

- سورة مريم، من الآية 29 على 34.[36]

- سورة التوبة، الآيتان 30-31.[37]

- حورية توفيق مجاهد، "الفكر السياسي من أفلاطون إلى محمد عبده"، مكتبة الأنجلو المصرية، ط.2، القاهرة، 1992، ص 124.[38]

- نفسه، صص 128-129.[39]

- نفسه، ص 129.[40]

- نفس المرجع و الصفحة.[41]

- نفسه، ص 132.[42]

- نفسه، ص 138.[43]

- نفسه، ص 143.[44]

- لويس غردية و ج.قنواتي، "فلسفة الفكر الديني بين الإسلام و المسيحية"، ترجمة صبحي الصالح و فريد جبر، دار العلم للملايين، ط.1، بيروت، 1967، ج.1، ص[45]

- محمد عابد الجابري، مرجع سابق.[46]

- لويس غردية و ج.قنواتي، مرجع سابق...، ص 219.[47]

- نقولا زيادة، مرجع سابق.[48]