أخبار اليوم

السبت، 7 مايو 2011

أسامة بلادن: انتهى تاريخ الصلاحية

ملأ الدنيا وشغل الناس، لعل هذا أدق وصف يمكن أن نصف به أسامة بلادن، الذي كان صناعة أمريكة بامتياز، صنعته المخابرات الأمريكية لمحاربة الاتحاد السوفياتي، وظل وهو في أوج عدائه –المعلن- لها يخدم مصالحها وأهدافها، ويشرعن غزواتها على العراق وأفغانستان، وشكل شماعة التضييق على الحريات في العالم العربي، وصناعة التطرف الذي كان الخادم الوفي لأمريكا والأنظمة المستبدة.

لنتفق مبدئيا على أنه –أسامة بلادن- كشخص يعتبر منذ شتنبر 2001 في عداد الأموات، فكل ما ظل منه هو فكر يرعب العالم، ويعد السذج واليائسين وضحايا الاحتلال بالنصر المؤزر الذي لن يأتي إلا به وبأنصاره، وبالسير على هديه "الشرعي"، ويمني الشباب بالحور العين مكافأة لهم على قتل أرواح أبرياء.

فجأة، وبدون سابق إنذار، اندلعت الثورات في العالم العربي، وهي ثورات سلمية تمكنت من إسقاط اثنين من اشهر طغاة العالم العربي، ومن قلب جميع موازين القوى، وقد كان العنصر المهم في هذه الثورات هو كونها حركات سلمية، مدنية، بلا قيادات ولا زعامات، ولا أطر مرجعية، سوى الكرامة والحرية، لقد سحبت هذه الحركات الشبابية البساط من تحت أقدام القاعدة، وأثبتت إمكانية التغيير ونجاعته، دون اللجوء إلى العنف، وانطلاقا من قيم كونية ومشتركة.

لقد تجاوزت الحركة الشبابية أطروحات القاعدة، بل وأسقطتها من أساسها، كما خلطت الأوراق أمام أمريكا ومن والاها، والتي وجدت نفسها مجبرة على إعادة صياغة قواعد جديدة للعبة، ومحاولة ضمان مصالحها، داخل العالم العربي الجديد الذي يبدأ الآن يتوجه نحو أفق جديد شعاره الكرامة والحرية والعدالة.

في خضم هذا الحراك، تم الإعلان أخيرا عن قتل أسامة بلادن، وفي اعتقادنا الشخصي أنه من السذاجة بمكان أن نتصور أنه قد جاء صدفة، ولكن الأمر ينطوي على بعدين، أولها انتهاء تاريخ صلاحية أسامة بلادن، كلعبة في يد المخابرات الأمريكية، وعدم وجود موقع له في الخارطة الجديدة للعالم العربي، التي تقوم على أساس الثورات المدنية والسلمية، والتوافقات بين مختلف التيارات والفصائل.

أما البعد الثاني، فهو إعادة موقعة القاعدة مرة أخرى ضمن خارطة العالم العربي الجديد، عبر عمليات انتقامية لمقتل "الشيخ أسامة"، تعطي لأمريكا قدرة على التحكم، أو توجيه الحركات الشبابية بشكل أو بآخر.

إن مقتل بلادن وقبله تخلي أمريكا عن بنعلي ومبارك، لا يمكن إلا أن يكون رسالة إلى الأنظمة التي لازالت تسبح بحمدها –أمريكا- تقول لها بأن السياسة الأمريكية لا صديق ولا حليف، وأنها قد تقدم أقرب حلفائها، وأصدقائها قربانا من أجل مصالحها، فهل تفهم هذه الأنظمة الرسالة وتستخلص الدروس والعبر، أم أنها تستمر في الانبطاح، وبيع الثروات والشعوب للدولة العظمى؟؟.