أخبار اليوم

الاثنين، 14 أبريل 2014

مرثية الموت الأخيرة

آه .. تلفظني الآه ناعية فرحتي، لأسير من وهاد الحزن إلى فجاج اليأس، حاملا آمالي الثكلى، المسربلة بالالام من بدء التكوين حتى انتكاساتي الكبرى.
أخط في سفر الإنشاد عذاباتي الصامتة، أحمل جراح أوروفييوس وقيثارته، على ظهري الذي كسرت عظامه صخرة سيزيف واصعد نحو الهاوية، مبتسما ابتسامة يسوع على صليبه.
آه يا موتي المكابر، لازلت تقاوم نفسك، تصر على الإنسلاخ من جلدك، ترقص ألما يحسبه الناس فرحا، تعانق نفسك كل مساء، تلفظ آخر الوصايا،تحترق، تصعد إلى العالم السفلي تحيطك كلاب أنوبيس تلتهم بقاياك المنتهشة بجراح الزمن.
تستيقظ روح بروميثيوس بداخلك، تنبعث من جديد، من رماد الحزن تصر أن تصنع البهجة، أن تعانق الفرحة، ثائرا على كل الأعراف، والتواريخ، والقيود، حالما، آملا،تمضي، تصرخ، تقاوم، ثم تسقط.
تنهال الطعنات عليك، يتفرق دمك بين الحاقدين، القاتلين، الشامتين، بين الأحبة والأصدقاء، يلملم دمك نفسه من أقداح الغدر، تعود من جديد، مقاوما لنفسك المنكسرة في مرآة الحقيقة، تغمض عينيك، تفتحهما، ثم تكتشف أنك لست سوى موت يصر أن يمثل أنه لم يمت بعد.

يوسف المساتي
الأحد 06 أبريل 2014

السبت، 1 فبراير 2014

رسالة الى ولداي اللذان لن انجبهما

ولداي، منذ طفولتي وأنا أحلم بتلك اللحظة التي سأصبح فيها أبا لكما، كنت أتخيل لحظة قدومكما، وصرختكما الأولى، وفرحتي العظمى، اخترت أسمائكما قبل أن تأتيا، إن كنت ذكرا ستحمل اسم نزار، الذي استوحيته من اسم ذلك الشاعر الذي زلزل حياتي، وغير نظرتي للكون كله، وكنت سأروي لك ذات يوم قصتي مع نزار. أما إن كنت أنثى، فقد اخترت لك اسم اريج، للإسم قصة كنت سأخبرك عنها ذات يوم، بالتأكيد لم تكن أسمائكما مجرد ذكرى، ولكنها ارتبطت بوجداني كما ترتبطان أنتما.
ولدي الحبيب نزار، أردتك أن تكون مثل الرجل الذي حملت اسمه، في نزقه، وثورته، ومجونه، وجنونه، حلمتك محترما للمرأة، فهي أمك التي أنجبتك، وجدتك التي أنجبت والدك، وأختك الكبرى أو الصغرى، أردتك مناضلا، لا يحني هامته لأحد، إن اعتقلت يوما، سأتبعك من سجن لآخر، وأنا ارفع راسي للسماء فخرا بولدي.
مثل أبيك كنت أريدك، لا تنازل، لا تفاوض، لا تسابق على الموائد، حافظا شرف الاسم وكرامته، ورهانتك في الحياة اكبر من مجرد شقة وسيارة وفتاة جميلة بجوارك، برهانات حجم الكون كنت أريدك.
اريج الحبيبة، أردتك مثل أمك، امرأة استثنائية، لا تنظر لنفسها كأنثى ولكن كانسان، رهاناتك في الحياة اكبر من الزوج، نعم، شيء جميل، أن تكون لك أسرة، وزوج يحترم كينونتك، لكن الأجمل ألا يكون وحده رهانك في هذه الحياة، رايتك مناضلة من اجل الكرامة، امرأة بألف رجل، تدافعين عن شرف الكلمة، بعدما خانها من يحسبون أنفسهم رجالا، رائعة أنت، حين لا تهادنين، ولا تفاوضين، رائعة أنت، حين تجبرين الكل، أن يحترم إنسانيتك.
ولداي الحبيبان، كنا سنختلف مرارا وتكرارا، سنتجادل، سأغضب منكما، لكن داخلي سيكون مسرورا لأنكما ورثتما عناد أبيكما وأمكما، سأكون مسرورا أكثر، حينما أحس أنكما كنتما على حق في قراراتكما، واختياراتكما، سأكون سعيدا، وأنتما تملآن الكون صخبا وشغبا.
ولداي الحبيبان، حلمت بأشياء كثيرة، وأردت أشياء أكثر، لكن عذرا، لأني لن أنجبكما، لا أريد أن آتي بكما إلى عالم فقد إنسانيته، تمزقت روابطه، انهارت قيمه، لا أريدكما في أوطان تسرق جهرا وسكانها يستمرؤن المهانة، ويطبعون مع الذل، ويعانقون الخضوع، لا أريدكما في أوطان تحقد على من يمتلك ذرة كرامة
عذرا ولداي، لا أريد أن آتي بكما إلى عالم يقتل الابن أباه، والأخ أخاه، انهارت كل القيم وصارت المادة سيدة العصر، ما قيمة أن أربيكما على الأخلاق في عالم يقتل القيم؟؟، لا أريدكما أن تأتيا، لتصبحا بلا وطن، بلا كرامة، بلا قيم.
ولداي الحبيبان، لما سآتي بكما إلى عالم الملحد يقتل لأجل إلحاده، والمؤمن يقتل لأجل إيمانه، ما قيمة أن تأتيا لدنيا لا يستطيع الإنسان أن يكلمكما إلا إذا عرف لأي رب تصليان.

ولداي، لأني أخاف عليكما، لأني أعشقكما حد الموت، لأنكما أنتما روحي وحياتي، قررت ألا أنجبكما، ما دمنا في عالم يقتل الإنسانية. إلى أن يستيقظ بداخلنا الإنسان، إلى أن تصرخ الكرامة، وينفجر بركان الغضب، عساه يخرج الآن، لن أنجبكما مع حبي لكما.