أخبار اليوم

الجمعة، 3 ديسمبر 2010

المسلمون والقران والتراث ج.1

دخل المسلمون منذ قرون طويلة في مرحلة انتحار نهضوي، كان من ابرز تجلياتها وقوعهم لقمة سائغة في براثن الامبريالية –بكل تجلياتها- وتحولهم إلى مجتمعات استهلاكية، مسلوبة الإرادة –السياسية والثقافية- وعالة على المسيرة الحضارية التي تشهدها البشرية.

هذه الحالة انعكست على النتاج الفكري للمجتمعات الإسلامية، فجاء بدوره –منذ إعادة استيقاظه بعد الحروب النابليونية- مشرذما، حافلا بالمتناقضات داخل الاتجاه الواحد، أكثر من التناسق، لكن وبرغم ذلك فقد جمعها شيء واحد –على اختلافها وتباينها- هو الإسلام، حيث كان هو الموضوعة المهيمنة بشكل واضح أو ضمني، شعوري أو لاشعوري.

هكذا إذن اتجه البعض إلى اتهام الإسلام بأنه السبب الحقيقي لانحطاط العالم الإسلامي، وانه لا حل من اجل النهضة إلى بالاستغناء عنه، أو ترك مسافة بينه وبين حياة المجتمعات الإسلامية. بينما اتجه البعض الآخر إلى الاعتقاد بان السبب الحقيقي للتخلف يعود إلى الابتعاد عن لب الإسلام جوهر المشكل، وانه لا حل إلا بالعودة إلى تعاليمه.

كل اتجاه يقدم من الأدلة ما يعضد وجهة نظره، غير انه بمجرد إخضاع هذه الآراء للنقد –منهجيا أو تاريخيا أو كيفما كان- حتى يظهر تهافتها، وتنكشف كل دوافعها الإيديولوجية –الغير بريئة إطلاقا-.

كانت هذه المقدمة –التي قد يراها البعض طويلة ويراها آخرون قصيرة- ضرورية لنحيط بتلابيب موضوع مقالنا لهذا اليوم، ولنعلن مبدئيا للقارئ رفضنا لكل القراءات الإيديولوجية التي أطرت الوعي الإسلامي، سواء المغلفة بلغة عاطفية تخفي تناقضاتها الداخلية وتمكنها من مداعبة وجدان جماهير متشوقة للتغيير دون ملامسة الأسئلة الجوهرية، كما نرفض القراءات التي تغرق في العقلانية والعلمية إلى درجة تلغي البعد الروحي، وتنسى –عن قصد أو غير قصد- أن الدين كان محركا لمسرح الأحداث في العالم العربي الإسلامي وانه كان هو المؤطر للصراعات التي شهدتها تلك الرقعة الجغرافية من العالم.

غير انه وقبل أن نبدأ نجد انه من الضروري أن نلقي الضوء على المفاهيم الثلاثة التي يحملها عنوان المقال، ونبدأ مع المسلمون، فهي جمع مسلم، ونقصد بها كل شخص يدين بمجموع أو بجزء من المعتقدات التي جاء بها النبي محمد على اختلاف مذهبه (سنة، شيعة، خوارج...الخ).

أما القران فنقصد به النص التأسيسي لمجموع –أو اغلب- المعتقدات التي يؤمن بها المسلمون، في حين نقصد بالتراث مجموع النتاج الفكري والثقافي والتاريخي للمجتمعات الإسلامية، بعد هذا التعريف الذي نراه ضروريا درء لأي لبس قد يقع فيه القارئ، ننتقل الآن إلى الحديث في صلب موضوعنا مؤطرين بالأسئلة التالية: كيف هو شكل العلاقة بين المسلمين والقران؟ ما هو اثر التراث في هذه العلاقة؟ ما اثر التراكمات التاريخية التي شهدتها المجتمعات الإسلامية على علاقة المسلمين؟ ما هو اثر القران على العلاقة بين المسلمين والتراث؟؟.

ليست هناك تعليقات: