أخبار اليوم

السبت، 26 ديسمبر 2009

فتوحات إسلامية أم غزوات استعمارية

شهدت الدولة الإسلامية أوج توسعها خلال العصر الأموي تحت اسم "الفتوحات"، غير أنه كان –إلا في حالات نادرة- بحد السيف، و هو ما يسمح بالتساؤل حول أسباب هذه العملية "الفتوحات" : هل جاءت بهدف نشر الإسلام أم لتوسيع أرجاء الدولة؟ قبل الإجابة لا بد لنا من استحضار مجموعة من المعطيات التي تحمل في ثناياها جواب هذا السؤال.

من بين الأمور المهمة و الواجب الإشارة إليها في هذا المقام أنه مباشرة بعد وفاة الرسول (ص) اندلعت حروب الردة، و التي غطت معظم الأراضي المفتوحة آنذاك، و لعل أحد أهم عواملها الأساسية هو أن إسلام أغلب القبائل العربية كان سياسيا أكثر منه دينيا، بمعنى أن إسلام هذه القبائل لم يكن تسليما للخالق و رسوله، و إنما كان تسليما للسلطة السياسية القائمة، و هو ما عبر عنه مسيلمة الكذاب من خلال رغبته في اقتسام السلطة مع محمد (ص)، ما يعني أن قبائل شبه الجزيرة كانت تنظر إلى محمد (ص) كزعيم سياسي أكثر منه نبيا أو رسولا.

من ناحية أخرى فإن المتتبع لحركة "الفتوحات" يجد أنه ثمة مناطق فتحت بسرعة بشكل مثير للدهشة أحيانا، غير أن هذه الدهشة سرعان ما تتلاشى عندما نتأمل في خارطة هذه المناطق حيث نجد أن أغلبها كان يعاني من وطأة النظم التي كانت تحكمه (الفرس، الروم...)، و بالتالي، شكل الإسلام ملاذا اجتماعيا و سياسيا، خاصة في ظل ما طبع العصر الراشدي في فترته الأولى (فترة أبو بكر و عمر) من عدالة اجتماعية و مساواة.

و هنا لابد أن نشير إلى أن الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام كانت تتم بجيش من "المتطوعين" كان يجتمع حسب الضرورة، للفوز بإحدى الحسنتين الغنيمة أو الجنة، غير أنه و على يد معاوية سيتحول المتطوعة إلى جيش نظامي، و بالتالي، تحول المتطوع إلى جندي غاز يتلقى راتبا شهريا مقابل توسيع أرجاء الدولة و حماية النظام القائم من الثورات و التمردات الداخلية.

أما المعطى الأخير الذي نسوقه في هذا الصدد و هو أن العديد من المناطق قد شهدت ثورات على الحكم المركزي، بسبب سوء معاملة الولاة، أو استمرارها في دفع الجزية برغم إعلانها لإسلامها، و يمكن لنا هنا أن نستحضر ما حدث في أرض المغارب من عمليات مصادرة لثروات و خيرات المنطقة، و التي كانت أحد أسباب ثورة السكان على الحكم المركزي، و احتضانهم للعديد من الحركات المناوئة للسلطة.

و بناء على ما سبق يمكن أن نخلص إلى أن ما يعرف بالفتوحات الإسلامية خلال العصر الأموي جاءت بهدف توسيع أرجاء الدولة، و تسخير خيرات المناطق المفتوحة للسلطة الحاكمة، أما نشر الإسلام فلا نعتقد أنه كان من بين أهداف الحكام آنذاك، و هو ما يقتضي أن نميز بين الفتح الذي يعني دخول الدين الإسلامي لمنطقة ما، و بين الفتح الذي يعني فتح خزائن الخليفة و ولاته لنهب ثروات مناطق ما باسم الإسلام، لأنه ثمة وسائل أخرى انتشر بها الإسلام (التجارة، البعثات الدبلوماسية...)، و شهد التاريخ أنها رسخت الإسلام في نفوس المعتنقين له أكثر مما فعل حد السيف.

يــــوســـف المـــســاتـــي

ليست هناك تعليقات: