يلتقيان ، ألف سؤال و سؤال يدور برأسيهما ، ينظران إلى بعضهما ، يرنو إليهما صوت السـياف و هو يشحذ سيفه . يتقدمان خطوة، يسمعان صوت المقصلة ، يتراجعان خطوتين ، طلقات مسدس، تدور الرأس ، يتيه القلب في سديم الأسئلة المفتقرة إلى جواب ، تتراقص نفس الأسئلة من جديد أمام الذاكرة المنهوشة بلفحات الزمن ، يهربان ، كل واحد في اتجاه .
في نفس الموعد من السنة التي بعدها ، يلتقيان من جديد ، تناسلت الأسئلة أكثر ، سكن الخوف قلبيهما أكثر ، و لازال ألف سؤال و سؤال يدور برأسيهما، ينظران إلى بعضيهما، قعقعة السيوف تدوي في أذنيهما ، يتقدمان خطوة ، صرخات عذراء مذبوحة في الفجر تحاصرهما ، يتراجعان خطوتان ، طلقات مسدس ، يغرق القلب في وهاد الألم ، يطفئ لهيب الاشتياق خوف بارد ، يهربان كل واحد في اتجاه.
تمر السنون ، و في كل سنة في نفس الموعد كانا يلتقيان ، و نفس الأسئلة تحاصرهما ، و نفس الخوف لا زال متربصا في أعماقهما ، و في هذه السنة أيضا يلتقيان ، ينظران إلى بعضيهما ، تغرب الشمس و يغيب البدر، يتقدمان خطوة ، صهيل خيول تذبح ، يتقدمان خطوة أخرى ، يغضب البحر و يضرب الموج الشطآن ، يتراجعان خطوة، تتحلق بهما أعين الموتى من أول الزمن ، يجريان كل واحد في اتجاه . تعلن المقاصل عن فرحة الانتصار ، يتوقفان ، يستديران ، و يجريان في اتجاه بعضهما، طلقات رصاص ، موج يضرب الشطآن ، فرعون يذبح كل طفل وليد ، يقتربان من بعضهما ، يطوف حولهما الموت ، ترقص الأرواح الشريرة ، يتعانقان ، يضمان بعضيهما ، يكسران أطواق الخوف و الصمت ، لا يحدث أي شيء ، فقط تشرق الشمس .
و في الغد يلتقيان ، لا يحدث أي شيء ،و في اليوم الذي يليه،يتزوجان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق